{ وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير111} .
- هنا قراءتان إحداهما ب( أن ) الثقيلة ، والثانية ب( إن ) الخفيفة{[1318]} ، والتنوين في{ كلا} نائب عن المضاف إليه ، أي إنهم جميعا ليوفينهم ربك أعمالهم ، وهذا يتضمن مآل الماضين والسابقين على محمد صلى الله عليه وسلم وإنذار الذين يعادونه ، ويؤذون أصحابه ويسخرون منهم ، فالمعنى إذن ، وإن كلا من الفريقين لما سيوفيهم ربك أعمالهم .
اللامان لتوكيد القول؛ الأولى واقعة في خير( إن ) ، والثانية موطئة للقسم أو العكس ، ولا تغيير في المعنى بأي التقديرين ، وكانت( ما ) فاصلة بينهما ليكلا يثقل النطق بلامين وهي مع ذلك دالة على تأكيد ما تدل عليه اللام الأولى .
وقول{ ليوفينهم} فيه توكيد للوفاء ، وهو القسم فكأنه تأكد الكلام باللامين ، وبالقسم وبنون التوكيد الثقيلة ، وأكد أيضا بالتعبير ب{ ربك} أي الذي خلقك ، وخلقهم ، وقام على هذا الوجود ، وإذا كان هذا الخالق الحي القيوم هو الذي يعد بالتوقيه ، فإنها واقعة لا محالة .
وقوله{ أعملاهم} ، أي جزاء أعمالهم ، ولكنه سبحانه حذف الجزاء ، وأضاف الجزاء إلى الأعمال للإشارة إلى أن الجزاء وفاق العمل ، فكأنهما شيء واحد ، إذ يكون عادلا تمام العدل ، يوم تجد كل نفس عملها محضرا ، وإن العدل الحقيقي يقتضي المساواة بين العمل والجزاء ، ويقتضي العلم ، وقد أشار إلى العدل بالمساواة بين الجزاء والعمل حتى كأنه هو ، وصرح بالثاني في قوله{ إنه بما يعملون خبير} الضمير يعود إلى الله الذي تذكره القلوب ، ولا تنساه ، و{ خبير} معناه ، عالم علما دقيقا لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، يعلم ما تكسبه الجوارح ، وما يجول في الأفئدة . إنه سميع بصير .