( ولكل درجات مما عملوا ) .
ولكل من المكلفين درجات في القيام بما كلفوه من أعمال ، فمنهم من يحسن ويبلغ أقصى درجات التقوى فيكون له في الجنة على مقدار ما فعل ومنهم من يفعل دون ذلك فليغفر الله تعالى ما شاء أن يغفر ورحمته سبحانه وتعالى قد سبقت غضبه وعذابه فيعطي بمقدار ما عمل وكذلك العصاة درجات فمن أطاع الكبراء له عذاب يناسب طاعتهم أي أن الطاعة لها مراتب ، والعصيان له دركات والمنافقون في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى:( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 18 ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون 19 ) ( الأحقاف ) .
ويكون المعنى على الدرجات في الخير والشر وأهل الخير درجات وأهل الشر دركات متفاوتة على مقدار شرهم وان كانوا جميعا منغمرين فيه ، كما قال تعالى ، ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون88 ) ( النحل ) .
وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الدرجات في العذاب فقط ، لأن الآيات في تهديد الكافرين وإنذارهم لا في جزاء المؤمنين ودرجاتهم .
وعندي أن الآية فيها تبشير للمؤمنين وأنهم درجات وإنذار للكافرين وإنهم في دركات جهنم طبقات والآية الكريمة تفيد أن الدرجات مما عملوا أي مأخوذة من أعمالهم فإن كانت خيرا فخير ، وإن كانت شرا فشر ، فهي مشتقة منها ، ومن جنسها
( وما ربك بغافل عما يعملون ) .
إن هذه الأعمال يعلمها الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فهو جزاء لما يعملون جزاء من يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه بشيء ولذا قال تعالت كلماته:( وما ربك بغافل عما يعلمون ) عبر سبحانه وتعالى بنفي الغفلة عنه سبحانه وتعالىنفيا مؤكدابمؤكدات ثلا ث اولها التعبير بالجملة الاسمية وثانيها دخول ( الباء ) التي تدل على استغراق النفي ثالثها:التعبير ب ( ربك ) لأن الرب هو الذي رب النفوس والأخلاق فهو أعلم الوجود بها ، وأخبرهم بأحوالها فجزاؤه جزاء من يضع العقاب في موضعه والثواب في مكانه .