قوله تعالى:{وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن في الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا} .
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعاً ،وهو دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية .وبين ذلك أيضاً في آيات كثيرة كقوله تعالى:{وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ} [ الأنعام: 107] الآية ،وقوله:{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [ السجدة: 13] ،وقوله:{وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [ الأنعام: 35] إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى:{أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له ،ولا يمكن أحداً أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك .
وأوضح ذلك المعنى في آيات كثيرة كقوله:{وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [ المائدة: 41] ،وقوله:{إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ} [ النحل: 37] الآية ،وقوله:{إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ} [ القصص: 56] الآية ،وقوله:{مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ} [ الأعراف: 186] ،والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً كما تقدم ،في «النساء » .
والظاهر أنها غير منسوخة ،وأن معناها أنه لا يهدي القلوب ويوجهها إلى الخير إلا الله تعالى: وأظهر دليل على ذلك أن الله أتبعه بقوله:{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} [ يونس: 100] الآية .