قوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أخرج بني آدم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً ،وجعل لهم الأسماع والأبصار والأفئدة ؛لأجل أن يشكروا له نعمه .وقد قدمنا: أن «لعل » للتعليل .ولم يبين هنا هل شكروا أو لم يشكروا ؛ولكنه بين في مواضع أخر: أن أكثرهم لم يشكروا ؛كما قال تعالى:{فقال لهم اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} [ البقرة: 243] ،وقال:{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [ الملك: 23] ،إلى غير ذلك من الآيات .
تنبيه
لم يأت السمع في القرآن مجموعاً ،وإنما يأتي فيه بصيغة الإفراد دائماً ،مع أنه يجمع ما يذكر معه كالأفئدة والأبصار .
وأظهر الأقوال في نكتة إفراده دائماً: أن أصله مصدر سمع سمعاً ،والمصدر إذا جعل اسماً ذكر وأفرد ؛كما قال في الخلاصة:
ونعتوا بمصدر كثيرا ***فالتزموا الإفراد والتذكيرا