قوله تعالى:{وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} .ما تضمنته هذه الآية من التخفيف في هذه الحنيفية السمحة ،التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم قد ذكرنا طرفاً من الآيات الدالة عليه في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ في الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فأغنى ذلك عن إعادته هنا .
قوله تعالى:{وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} .الحق أن المراد بهذا الكتاب: كتاب الأعمال الذي يحصيها الله فيه ،كما يدل عليه قوله تعالى{هَاذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا المعنى في الكهف ،في الكلام على قوله:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} [ الكهف:49] ،وفي سورة الإسراء في الكلام على قوله:{وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً} [ الإسراء:13] .
والظاهر أن معنى نطق الكتاب بالحق: أن جميع المكتوب فيه حق ،فمن قرأ المكتوب فيه ،كأنه لا ينطق في قراءته له إلا بالحق ،وربما أطلقت العرب اسم الكلام على الخط ،كما روي عن عائشة أنها قالت: ما بين دفتي المصحف كلام الله ،والله تعالى أعلم .