التّفسير
قلوب في الجهل مغمورة !:
بما أنّ خصال المؤمنين هي سبب القيام بالأعمال الخيّرة التي أشارت إليها الآيات السابقة ،فهنا يثار هذا التساؤل بأنّ هذه الخصال والقيام بهذه الأعمال لا تتيسّر لكلّ أحد .
فتجيب أوّل آيةمن الآيات موضع البحثعن ذلك فتقول: ( ولا نكلّف نفساً إلاّ وسعها ) .وكلّ إنسان يكلّف حسب عقله وطاقته .
وهذه إشارة إلى أنّ الواجبات الشرعيّة هي في حدود طاقة الإنسان .وأنّها تسقط عنه إذا تجاوزت هذه الحدود ،وكما يقول علماء اُصول الفقه: إنّ هذه القاعدة حاكمة على جميع الواجبات الشرعيّة ومقدّمة عليها .
وقد يُسأل: كيف يُحاسب كلّ البشر على أعمالهم كلّها صغيرها وكبيرها ؟
فتجيب الآية ( ولدينا كتاب ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون ) فهناك صحيفة أعمال الإنسان المحفوظة لدى الله العلي القدير .وهي تنطق بالحقّ عمّا اقترفه الإنسان من ذنوب ،فلا يمكنه إنكارها{[2718]} .
وربّما كان القصد من الكتاب الذي لدى الله هو اللوح المحفوظ .ولفظ «لدينا » يؤكّد هذا التّفسير .
والخلاصة أنّ الآية المذكورة آنفاً تؤكّد حفظ الأعمال على أهلها من خير أو شرٍّ ،فهي مسجّلة بدقّة ،والإيمان بهذه الحقيقة يشجّع الصالحين على القيام بأعمال الخير ،واجتناب الأعمال السيّئة .
وتعبير ( ينطق بالحقّ ) الذي وصف صحيفة أعمال البشر تشبه القول: إنّ الرسالة الفلانية ذات تعبير واضح ،أي: لا يحتاج إلى شرح .وكأنّها ناطقة بذاتها ،فهي تُجلّي الحقيقة .
وعبارة ( وهم لا يظلمون ) تبيّن أنّه لا ظلم ولا جور ولا غفلة يوم الحساب ،فكلّ شيء في سجلٍّ معلوم .