قوله تعالى:{وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} .
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار استهزؤوا برسل قبل نبينا صلى الله عليه وسلم ،وأنهم حاق بهم العذاب بسبب ذلك ،ولم يفصل هنا كيفية استهزائهم ،ولا كيفية العذاب الذي أُهلكوا به ،ولكنه فصل كثيراً من ذلك من مواضع أُخَر متعددة في ذكر نوح وقومه وهود وقومه ،وصالح وقومه ،ولوط وقومه ،وشعيب وقومه ،إلى غير ذلك .
فمن استهزائهم بنوح قولهم له «بعد أن كنت نبياً صرت نجاراً » ،وقد قال الله تعالى عن نوح:{إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [ هود: 38] ،وذكر ما حاق بهم بقوله:{فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [ العنكبوت: 14] وأمثالها من الآيات .
ومن استهزائهم بهود ما ذكره الله عنهم من قولهم:{إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوءٍ} [ هود: 54] ،وقوله عنهم أيضاً:{قَالُواْ يا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بتاركي ءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ} [ هود: 53] الآية .وذكر ما حاق بهم من العذاب في قوله .{إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [ الذاريات: 41] الآية ،وأمثالها من الآيات .
ومن استهزائهم بصالح ،قولهم فيما ذكر الله عنهم{يَا صَالحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [ الأعراف: 77] وقولهم{يا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [ هود: 62] الآية ،وذكر ما حاق بهم بقوله{وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [ هود: 67] ،ونحوها من الآيات .
ومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم:{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُواْ ءَالَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ} [ النمل: 56] الآية .وقولهم له أيضاً:{لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} [ الشعراء: 167] ،وذكر ما حاق بهم بقوله{فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} [ الحجر: 74] ،ونحوها من الآيات .
ومن استهزائهم بشعيب قولهم فيما حكى الله عنهم:{قَالُواْ يا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [ هود: 91] ،وذكر ما حاق بهم بقوله{فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [ الشعراء: 189] ونحوها من الآيات .