{ ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون 10 قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين 11}
بعد أن بين الله تعالى لخاتم رسله سنته في شبهات الكفار المعاندين على الرسالة ، وإصرارهم الجحود والتكذيب بعد إعطائهم الآيات التي كانوا يقترحونها وعقابه تعالى إياهم على ذلك – بين له شأنا آخر من شؤون أولئك الكفار مع رسلهم وسنته تعالى في عقابهم عليه فقال:{ ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون ( 10 )} ظاهر كلام نقلة اللغة أن الهزء ( بضمتين وبضم فسكون ) والاستهزاء بمعنى السخرية ، وأن قولهم هزئ به واستهزأ به مرادف لقولهم سخر منه ، ويفهم من كلام بعض المدققين أن الحرفين متقاربا المعنى ولكن بينهما فرقا لا بمنع من استعمال كل منهما حيث يستعمل الآخر كثيرا ، قال الراغب:الهزؤ مزح في خفية ( كذا ولعل صوابه في خفية ) وقد يقال لما هو كالمزح فمما قصد به المزح قوله:{ واتخذوها هزوا ولعبا} [ المائدة:58]{ وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا} [ الجاثية:9]{ وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} [ الفرقان:41] ...والاستهزاء ارتياد الهزؤ وإن كان قد يعبر به تعاطي الهزؤ .كالاستجابة في كونها ارتيادا للإجابة وإن كان قد يجري مجرى الإجابة إدالة الدولة ،
(.....) سقط بمقدار 17 سطر/ ص:320-321 ج 7
وقد كان جزاء المستهزئين بمن قبله من الرسل عذاب الخزي بالاستئصال ، ولكن الله كفاه المستهزئين به فأهلكهم ولم يجعلهم سببا لهلاك قومهم ، وامتن عليه بذلك في سورة الحجر إذ قال:{ إنا كفيناك المستهزئين} [ الحجر:95] والمشهور أنهم خمسة من رؤساء قريش هلكوا في يوم واحد .