قوله تعالى:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} .
يلاحظ أن السورة في أولها عن الكفار عموماً من أهل الكتاب والمشركين معاً ،وهنا الحديث عن أهل الكتاب فقط ،وذلك مما يخصهم في هذا المقام دون المشركين ،وهو أنهم لأنهم أهل كتاب ،وعندهم علم به صلى الله عليه وسلم ،وبما سيأتي به ،وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ،فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به .
وكقوله صراحة:{وَمَا تَفَرَّقُواْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} ،فلمعرفتهم به قبل مجيئه ،واختلافهم فيه بعد مجيئه ،وخصهم هنا بالذكر في قوله:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} .
تنبيه
مما يدل على ما ذكرنا من معنى كتب قيمة ،أمران من كتاب اللَّه .
الأول منهما: اختصاص أهل الكتاب هنا بعدم عموم الحديث من الذين كفروا ،وما قدمنا من نصوص .
الثاني: أن القرآن لما ذكر الرسول يتلو على المشركين قال:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} ،فهذا نفس الأسلوب ،ولكن قال: آياته ،لأنهم لم يكن لهم علم بالكتب الأخرى ،فاقتصر على الآيات .