/م25
بما نبينه فيما يلي فتقول:
{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه} قال المعربون من المفسرين إن الواو هنا للابتداء ، أي لأن معنى الجملة لا يشترك مع ما قبله بما يصح جعلها معطوفة عليه .وأقول إن هذا سياق جديد في السورة أكد به ما قبله من الدلائل على أصول الدين من التوحيد والبعث والنبوة ، فهو يشترك معه في جملته لا مع آخر آية منه ، وعندي أن هذه القصة معطوفة على ما في أول هذه السورة من ذكر بعثة محمد رسول الله وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم بمثل ما بعث به من قبله من الدعوة إلى عبادة الله وحده وبعثه نذيرا وبشيرا والإيمان بالبعث والجزاء ، ليعلم قومه أنه صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من الرسل ، وأن حاله معهم كحال من قبله من الرسل عليهم السلام مع أقوامهم إجمالا وتفصيلا ، كما قال في سورة الإسراء{ سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا} [ الإسراء:77] فكأنه قال:لقد أرسلناك يا محمد إلى قومك وإلى الناس كافة بما تقدم بيان أصوله ، ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بمثل ما أرسلناك الخ .
وافتتحت القصة بصيغة القسم لإنكار المخاطبين بها لبعثة الرسل ، وقدمنا بيان ما كان للقسم عند العرب من التأثير في تأكيد الكلام ، ناهيك به في كلام الله المنزل على من عرف عندهم بالصدق من أول نشأته وهو محمد عليه الصلاة والسلام ،{ إني لكم نذير مبين} أي أرسلناه ببيان وظيفته من الإنذار لهم ، أو قائلا لهم إني لكم نذير بين الأنذار ظاهره ، وهو الإعلام بالشيء مع بيان عاقبة من خالفه فلم يذعن لما فيه من الأمر والنهي ثم فسر هذا الإرسال والإنذار بقوله:أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ( 26 )
/خ49