/م275
{ فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} أي فإن لم تتركوا ما بقي من الربا كما أمرتم فافعلوا واستيقنوا بأنكم على حرب من الله ورسوله إذ نبذتم ما جاءكم به رسوله عنه .
فقوله:فأذنوا كقوله فاعلموا وزنا ومعنى وهي قراءة الجمهور ، وقرأ حمزة وعاصم في رواية ابن عياش ( فآذنوا ) بمد الألف من الإيذان بمعنى الإعلام أي فاعلموا أنفسكمأي ليعلم بعضكم بعضاأو المسلمين بأنكم محاربون لله ورسوله بالخروج عن الشريعة وعدم الخضوع للحكم .وهذا يستلزم أن يكونوا عالمين بذلك ، كأنه يقول إن عدم الخضوع للأمر خروج عن الشريعة فهو إعلام للمسلمين بأنكم خارجون عن حكم الله ورسوله محاربون لهما .فسر الأستاذ الإمام حرب الله لهم ببغضه وانتقامه ، قال:نحن إن لم نر أثر هذا في الماضين فإننا نراه في الحاضرين ممن أصبحوا بعد الغنى يتكففون ومن باتوا والمسألة الاجتماعية ( مناصبة العمال لأرباب الأموال ) تهددهم بالويل والثبور .وأما الحرب من رسوله لهم فهي مقاومتهم بالفعل في زمنه ، واعتبارهم أعداء له في هذا الزمن الذي لا يخلفه فيه أحد يقيم شرعه{ وإن تبتم} ورجعتم عن الربا امتثالا وخضوعا{ فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون} غرماءكم بأخذ الزيادة{ ولا تظلمون} بنقص شيء من رأس المال بل تأخذونه كاملا .
روى ابن جرير عن السدي أن الآيتين نزلتا في العباس بن عبد المطلبعم النبي صلى الله عليه وسلمورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية أسلفا في الربا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو وهم بنو عمرو بن عمير ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله ذروا ما بقي من فضل كان في الجاهلية من الربا .وأخرج عن ابن جريج قال كانت ثقيف قد صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أن مالهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع .فلما كان فتح مكة استعمل عتاب بن أسيد على مكة وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة ، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام .ورفعوا ذلك إلى العتاب بن أسيد فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت .فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال: "إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب ".وأخرج أبو يعلى في مسنده وابن منده من طريق الكلبي عن ابن صالح عن ابن العباس نحوه .
وفي الآية أن الربا حرم لأنه ظلم ولكن بعض ما يعده الفقهاء منه لا ظلم فيه بل ربما كان فيه فائدة للآخذ والمعطي .
/خ281