قوله تعالى:{ وإذ قالت الملائكة} معطوف على قوله"إذ قالت امرأة عمران "متعلق بقوله قبله"والله سميع عليم "وهذا الخطاب ليس بشرع خصت به وإنما هو إلهام بمكانتها عند الله وبما يجب عليها من الشكر له بدوام القنوت والصلاة ومن اعتقد أنه مكرم اجتهد في المحافظة على كرامته وتباعد أشد التباعد عن كل ما ينقص منها فقول الملائكة لها:{ إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} قد زادها بمقتضى سنة الفطرة تعلقا بالكمال كما زادها روحانية بتأثير تلك الأرواح الطيبة التي أمدت روحها الطاهرة .والاصطفاء الأول هو قبولها محررة لخدمة الله في بيته وكان ذلك خاصا بالرجال والتطهير قد فسر بعدم الحيض وبذلك كانت أهلا لملازمة المحراب وهو أشرف مكان في المعبد .وروي أن السيدة فاطمة الزهراء ما كانت تحيض وإنها لذلك لقبت بالزهراء .وقال الجلال أنه التطهير من مسيس الرجال واختار الأستاذ الإمام حمله على ما هو أعم من هذا وذاك أي طهرك مما يستقبح كسفساف الأخلاق وذميم الصفات وغير ذلك .والاصطفاء الثاني ما اختصت به من خطاب الملائكة وكمال الهداية .
وقال الأستاذ الإمام:هو جعلنا تلد نبيا من غير أن يمسها رجل فهو على هذا اصطفاء لم يكن قد تحقق بالفعل بل بالإعداد والتهيئة .وبحثوا هنا في قوله"على نساء العالمين "هل المراد به عالموا زمانهاكما يقال أرسطو أعظم الفلاسفة ويفهم منه فلاسفة زمانه أو أمتهأم جميع العالمين .وفي الأحاديث أن أفضل النساء مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن .