/م48
{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} قرأ الجمهور يبغون بفعل الغيبة لأنه حكاية عن اليهود ، وقرأه ابن عامر ( تبغون ) على الالتفات لمخاطبتهم ، والاستفهام للإنكار والتعجيب المتضمن للتوبيخ ، أي أيتولون عن حكمك بالحق فيبغون حكم الجاهلية المبني على الهوى وترجيح القوي على الضعيف ؟ روي أن هذا نزل في خصومه مما كان بين بني النضير وبني قريظة من جعل دية القريظي ضعفي دية النضيري لمكان القوة والضعف .
{ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي لا أحد أحسن حكما من حكم الله تعالى لقوم يوقنون بدينه ، ويذعنون لشرعه ، لأن هذا الحكم يجمع الحسنين:منتهى العدل والتزام الحق من الحاكم ، ومنتهى القبول والإذعان من المحكوم له والمحكوم عليه .وهذا مما تفضل به الشريعة الإلهية القوانين البشرية .وقيل إن اللام هنا بمعنى عند أو للبيان ، أي أن حكمه تعالى أحسن الأحكام عند الموقنين وفي نظرهم ، وإن جهل ذلك غيرهم .ومضمون الآية أن مما ينبغي التعجيب منه من منكراتهم أنهم يطلبون حكم الجاهلية الجائر ويؤثرونه على حكم الله العادل ، والحال أن حكمه تعالى أحسن الأحكام لأهل الإيمان والإسلام .لأن حكمه هو العدل الذي يستقيم به أمر الخلق ، وأما حكم الجاهلية فهو تفضيل القوي على الضعيف ، الذي يمكن الظالمين الأقوياء من استذلال أو استئصال الضعفاء ، وهو شر الأحكام المخرب للعمران المفسد للنظام .
/خ50