التفسير:
50- أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ...هذا إنكار وتعجب من حالهم وتوبيخ لهم .
والمعنى: أينصرفون عن حكمك بما أنزل الله ويعرضون عنه فيبغون حكم الجاهلية مع أن ما أنزله الله إليك من قرآن فيه الأحكام العادلة التي ترضى كل ذي عقل سليم ومنطق قويم .
قال الآلوسي: روى أن بني النضير لما تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- في خصومة قتيل وقعت بينهم وبين بني قريظة ،طلب بعضهم من رسول الله ان يحكم بينهم بما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل .
فقال صلى الله عليه وسلم: 'القتلى بواء "أي: متساوون .
فقال بنو النضير: نحن لا نرضى بحكمك ؛فنزلت الآية{[261]} .
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ .أي:ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه ،وآمن به وأيقن ،وعلم سبحانه أحكم الحاكمين ،وارحم بخلقه من الوالدة بولدها ،فإنه تعالى هو العالم بكل شيء والقادر على كل شيء والعادل في كل شيء .
روى الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبغض الناس إلى الله تعالى- من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلين ومن طلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه "{[262]} .
ومجموع هذا الربع يبدأ بنداء الرسول الكريم بعد المبالاة بما يصدر عن أولئك يسارعون في الكفر ،ثم خيرت الآيات الرسول صلى الله عليه وسلم بين الحكم بينهم أو الإعراض عنهم إذا ما تحاكموا إليه .
ثم وبخت الآيات اليهود على إعراضهم عن أحكام الله العادلة التي أنزلها لعباده ،ووصفت المعرضين عن حكمه سبحانه بالكفر تارة والفسق تارة أخرى .
وبعد أن مدحت التوراة والإنجيل ،عقبت ذلك ببيان منزلة القرآن الكريم ،وأنه الكتاب الجامع في هدايته وفضله لكل ما جاء في الكتب السابقة .
ثم ختمت الآية بالتحذير من خداع اليهود ومكرهم وتوعدت كل من يرغب عن حكم الله إلى غيره بسوء العاقبة وشديد العذاب .