/م141
{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} نصب ثمانية على أنه بدل من حمولة وفرشا بناء على كونهما قسمين لجميع الأنعام على القول الراجح والزوج يطلق في اللغة على كل واحد من القرينين الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة وعلى كل قرينين فيها وفي غيرها كالخف والنعل وعلى كل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا .قال الراغب والاثنان زوجان يقال:له زوجا حمام{ وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى} ( النجم 45 ) .
وقوله:{ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} شروع في بيان هذه الأزواج الثمانية وتبكيتهم وتجهيلهم على تحريم بعضها دون بعض مخصص أي من الضأن زوجين اثنين هما الكبش والنعجة ومن المعز زوجين اثنين هما التيس والعنز ، وفي المعز لغتان قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بفتح العين والباقون بسكونها وقد بدأ في هذا التفصيل بنوع الفرش على أحد الأقوال فيه وبما لا يصلح إلا للأكل منه على القول بشموله لصغار الإبل والبقر ، لأنه هو المناسب في مقام إنكار تحريم أكل بعضه دون بعض بغير مخصص بعد أن قدم في الإجمال ذكر الحمولة لأنها أهم مقام الخلق والإنشاء والمنة بكون خلقها أعظم والانتفاع بها أعم فإنها كما يحمل عليها يؤكل منها وناهيك بسائر منافعها وبقوله تعالى تعجيبا بخلق أعظم صنفيها{ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} ( الغاشية 17 ) .
{ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ} أي قل لهم أيها الرسول أحرم الله الذكرين من كل واحد من الزوجين وحدهما ، كما يدل عليه تقديم المفعول على عامله ، أم الأنثيين وحدهما ، أم الأجنة التي اشتملت عليها أرحام إناث الزوجين كليهما سواء أكانت ذكورا أم إناثا ؟ والاستفهام للإنكار ، أي إنه لم يحرم شيئا من هذه الثلاث .وبهذا السؤال التفصيلي يظهر للمتفكر فيه منهم أنه لا وجه يعقل لقولهم ، لأن ترتيب الحكم على الوصف بالذكورة أو الأنوثة أو الحمل يكون لغوا أو جهالة فاضحة إذا لم يكن تعليلا ، والتعليل بهذه الأوصاف لا وجه له ويلزمه ما لا يقولون به ، وبعدمه يلزمهم التحكم في أحكام الله وكون الافتراء عليه بغير أدنى علم ولا عقل ، ولذلك قال:{ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي خبروني بعلم يؤثر عن أحد رسل الله أو بينة متلبسة بعلم يركن إليه العقل بأن الله حرمها عليكم ، وإلا كان تخصيص ما حرمتم دون أمثاله جهل محض كما أنه افتراء كذب .