/م1
{ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله} هذه الجملة معطوفة على ما قبلها ، مصرحة بالتبليغ الصريح الجهري العام للبراءة من المشركين ، أي من عهودهم وسائر خرافات شركهم وضلالاته ، ومبينة لوقته الذي لا يسهل تعميمه إلا فيه ، وهو يوم الحج الأكبر ، وفي تعيينه خلاف سيذكر مع ترجيح أنه عيد النحر الذي تنتهي فيه فرائض الحج وأركانه ، ويجتمع الحاج فيه لإتمام واجبات المناسك وسننها في منى .والأذان النداء الذي يطرق الآذان ، بالإعلام بما ينبغي أن يعلمه الخاص والعام ، وهو اسم من التأذين ، قال تعالى:{ فأذن مؤذن بينهم أيتها العير إنكم لسارقون} [ يوسف:70] ، ومنه الأذان للصلاة .وأذن بها أعلم ، وآذنه بالشيء إيذانا أعلمه به .وأذن بالشيء ( كعلم ) علمه ، وأذن له ( كتعب ) استمع .وأعاد التصريح في هذا الأذان بكونه من الله باسم الذات ، ومن رسوله بصفة التبليغ الذي تقتضيه الرسالة ، كما صرح بهما في البراءة ، وصرح في الموضعين بذكر المشركين بعنوان الشرك ووصفه ، وذلك لتأكيد هذا الحكم ، وتأكيد تبليغه من جميع وجوهه .
ثم أكد ما يجب أن يبلغوه من ذلك بما أوجب أن يخاطبوا به من غير تأخير بقوله:{ فإن تبتم} أي قولوا لهم:فإن تبتم بالرجوع عن شرككم وما زينه لكم من الخيانة والغدر بنقض العهود ، وقبلتم هداية الإسلام .
{ فهو خير لكم} في الدنيا والآخرة ؛ لأن هداية الإسلام هي السبب لسعادتهما .
{ وإن توليتم} أي أعرضتم عن إجابة هذه الدعوة إلى التوبة .
{ فاعلموا أنكم غير معجزي الله} أي غير فائتيه بأن تفلتوا من حكم سننه ووعده لرسله والمؤمنين بالنصر كما تقدم آنفا .
{ وبشر الذين كفروا بعذاب أليم} وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه نبأ عن الغيب الذي لا يمكن علمه إلا بوحي الله عز وجل ، وقد تقدم في هذا التفسير أن البشارة ما يؤثر في البشرة من الأنباء ، إما بالتهلل وإشراق الوجه وهو السرور الذي تنبسط به أسارير الجبهة وتتمدد ، وإما بالعبوس والبسور وتقطيب الوجه من الكدر أو الحزن أو الخوف .وغلب في الأول حتى ذهب الأكثرون إلى كونه حقيقة فيه ، وأن استعماله فيما يسوء ويكدر إنما يقال من باب التهكم .
/خ4