/م42
{ لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك} أي لو كان ما استنفرتهم له ودعوتهم إليه أيها الرسول عرضاًوهو ما يعرض للمرء من منفعة ومتاع ، مما لا ثبات له ولا بقاءقريب المكان أو المنال ، ليس في الوصول إليه كبير عناء ، وسفراً قاصداً -أي وسطاً لا مشقة فيه ولا كلال{[1575]}- لاتبعوك فيه ، وأسرعوا بالنفر إليه ، لأن حب المنافع المادية والرغبة فيها لاصقة بطبع الإنسان ، وناهيك بها إذا كانت سهلة المأخذ قريبة المنال ، وكان الراغب فيها من غير الموقنين بالآخرة وما فيها من الأجر العظيم للمجاهدين ، كأولئك المنافقين .
{ ولكن بعدت عليهم الشقة} التي دعوا إليها وهي تبوكوالشقة الناحية ، أو المسافة والطريق التي لا تقطع إلا بتكبد المشقة والتعبوكبر عليهم التعرض لقتال الروم في ديار ملكهم ، وهم أكبر دول الأرض الحربية ، فتخلفوا جبناً وحباً بالراحة والسلامة .
{ وسيحلفون بالله} أي بعد رجوعكم إليهم ، وقال:{ سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم} [ التوبة:95] كما قال:{ يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم} [ التوبة:94] قائلين{ لو استطعنا لخرجنا معكم} أي لو استطعنا الخروج إلى الجهاد بانتفاء الأعذار المانعة لخرجنا معكم ، فإننا لم نتخلف عنكم إلا مضطرين .
{ يهلكون أنفسهم} بامتهان اسم الله تعالى بالحلف الكاذب لستر نفاقهم وإخفائه ، يؤيدون الباطل بالباطل ، ويدعمون الإجرام بالإجرام ، أو بالتخلف عن الجهاد المفضي إلى الفضيحة ، وما تقتضيه من سوء المعاملة ، فالجملة مبينة لحالهم في حلفهم أو ما كان سبباً له ، وأنهم يريدون به النجاة فيقعون في الهلاك .
{ والله يعلم إنهم لكاذبون} في زعمهم أنهم لو استطاعوا الخروج لخرجوا معكم .