المفردات:
عرضا قريبا: نفعا سهل المأخذ .
سفرا قاصدا: سفرا قريبا سهلا .
الشقة: المسافة التي تقطع بمشقة .
42 –{لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة ...} الآية .
قال الفخر الرازي: نزلت هذه الآية في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك .اه .
وقد وبخ الله فيها المنافقين الذين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف مظهرين أنهم ذو أعذار وكانوا كاذبين .
والمعنى:
لو كان الأمر الذي دعوتهم إليه أو منفعة قريبة المنال ،أو سفرا سهلا قريبا لا عناء فيه ؛لا تبعوك ؛طمعا في الحصول على المغانم القريبة السهلة ،ولكنهم تخلفوا حينما رأوا أن السفر شاق إلى مسافة بعيدة إلى الشام ،ويحتاج إلى تضحيات جسيمة ؛فآثروا الجبن والراحة والسلامة ،والتفيؤ في الظلال وقت الحر والقيظ ؛فدل ذلك على أنهم جماعة نفعيون ماديون دنيويون .
وشبيه بهذه الفقرة من الآية قول الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن المتخلفين عن صلاة الجماعة في الحديث المتفق عليه:"لو يعلم أحدهم أنه يجد لحما سمينا ،أو عظما عليه لحم لشهد العشاء "82 .
{وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون} .
قال الفخر الرازي: أخبر الله رسوله عن المنافقين ،إثر عودته من غزوة تبوك ،بأنهم سيحلفون له ؛والأمر لما وقع ،كما أخبر الله تعالى ؛كان هذا إخبارا عن الغيب فكان معجزا .
والمعنى:
وسيقسمون بالله باليمين الكاذبة عند رجوعك من غزوة تبوك ،قائلين على سبيل الاعتذار عن تخلفهم: لو كنا نستطيع الخروج معك إلى تبوك لخرجنا إليها ؛فإننا لم نتخلف عن الخروج معكم إلا مضطرين ،فقد كانت لنا أعذارنا القاهرة التي حملتنا على التخلف .
يهلكون أنفسهم بهذه اليمن الفاجرة ،يقسمون بها على الإدعاء الكاذب .
{والله يعلم إنهم لكاذبون} .فقد كانوا يستطيعون الخروج ،ولم يكن لهم عذر في التخلف ،ولكنهم آثروا الدعة والراحة ،وزهدوا في الجهاد ثم تجرءوا على اليمين الغموس كذبا على الله ورسوله .
وفي الحديث الشريف: عن خيثمة بن سليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اليمين الغموس تدع الديار بلاقع "83 .
واليمين الغموس من الكبائر ،ولا يكفرها إلا الغمس في نار جهنم .
ولكن المنافقين ،وهنت عزيمتهم وضعف يقينهم ؛فآثروا الراحة ،واستهانوا بالأيمان ،ليرضوا بها الناس ،وكان الأولى بهم أن يرضوا رب الناس .قال تعالى:{يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} . ( التوبة: 96 ) .