وقوله:( إن شانئك هو الأبتر ) أي:إن مبغضك - يا محمد - ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين ، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة:نزلت في العاص بن وائل .
وقال محمد بن إسحاق:عن يزيد بن رومان قال:كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:دعوه ، فإنه رجل أبتر لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره . فأنزل الله هذه السورة .
وقال شمر بن عطية:نزلت في عقبة بن أبي معيط .
وقال ابن عباس أيضا وعكرمة:نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش .
وقال البزار:حدثنا زياد بن يحيى الحساني ، حدثنا بن أبي عدي ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش:أنت سيدهم ، ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه ، يزعم أنه خير منا ، ونحن أهل الحجيج ، وأهل السدانة وأهل السقاية ؟ فقال:أنتم خير منه . قال:فنزلت:( إن شانئك هو الأبتر )
هكذا رواه البزار ، وهو إسناد صحيح .
وعن عطاء:نزلت في أبي لهب ، وذلك حين مات ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو لهب إلى المشركين وقال:بتر محمد الليلة . فأنزل الله في ذلك:( إن شانئك هو الأبتر )
وعن ابن عباس:نزلت في أبي جهل . وعنه:( إن شانئك ) يعني:عدوك . وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر ، وغيرهم .
وقال عكرمة:الأبتر:الفرد . وقال السدي:كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا:بتر . فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا:بتر محمد . فأنزل الله:( إن شانئك هو الأبتر )
وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره ، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره ، وحاشا وكلا ، بل قد أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد ، وأوجب شرعه على رقاب العباد ، مستمرا على دوام الآباد ، إلى يوم الحشر والمعاد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد .
آخر تفسير سورة "الكوثر "، ولله الحمد والمنة .