وقوله:( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ) يقول تعالى:ولئن أخرنا العذاب والمؤاخذة عن هؤلاء المشركين إلى أجل معدود وأمد محصور ، وأوعدناهم به إلى مدة مضروبة ، ليقولن تكذيبا واستعجالا ( ما يحبسه ) أي:يؤخر هذا العذاب عنا ، فإن سجاياهم قد ألفت التكذيب والشك ، فلم يبق لهم محيص عنه ولا محيد .
و "الأمة "تستعمل في القرآن والسنة في معان متعددة ، فيراد بها:الأمد ، كقوله في هذه الآية:( إلى أمة معدودة ) وقوله في [ سورة] يوسف:( وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة ) [ يوسف:45] ، وتستعمل في الإمام المقتدى به ، كقوله:( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) [ النحل:120] ، وتستعمل في الملة والدين ، كقوله إخبارا عن المشركين أنهم قالوا:( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) [ الزخرف:23] ، وتستعمل في الجماعة ، كقوله:( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ) [ القصص:23] ، وقال تعالى:( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل:36] ، وقال تعالى:( ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ) [ يونس:47] .
والمراد من الأمة هاهنا:الذين يبعث فيهم الرسول مؤمنهم وكافرهم ، كما [ جاء] في صحيح مسلم:"والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ".
وأما أمة الأتباع ، فهم المصدقون للرسل ، كما قال تعالى:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [ آل عمران:110] وفي الصحيح:"فأقول:أمتي أمتي ".
وتستعمل الأمة في الفرقة والطائفة ، كقوله تعالى:( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) [ الأعراف:159] ، وقال تعالى:( من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) [ آل عمران:113] .