/م8
فقال:
{ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة} الآية شرطية مؤكدة بالقسم والمراد بالعذاب ما تقدم من قوله:{ وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} [ هود:3] على ما اخترناه فيه ، والأمة هنا الطائفة أو المدة من الزمن ومثله في سورة يوسف{ وادكر بعد أمة} [ يوسف:45] وأصلها الجماعة من جنس أو نوع واحد أو دين واحد أو زمن واحد ، وتطلق على الدين والملة الخاصة والزمن الخاص .أي ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى جماعة من الزمن معدودة في علمنا ومحدودة في نظام تقديرنا ، وسنتنا في خلقنا ، المبين في قولنا{ لكل أجل كتاب} [ الرعد:38] أو إلى أمة قليلة من الزمن قعد بالسنوات ، أو ما دونها من الشهور أو الأيام{ ليقولن ما يحبسه} يعنون أي شيء يمنع هذا العذاب من الوقوع إن كان حقا كما يقول هذا النذير ؟ وإنما يقولون هذا ويستعجلون بالعذاب إنكارا له واستهزاء به .
{ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم} أي ألا إن له يوما يأتيهم فيه إذ تنتهي الأمة المعدودة المضروبة دونه ، ويومئذ لا يصرفه عنهم صارف ولا يحبسه حابس{ وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} وسيحيط بهم يومئذ من كل جانب ما كانوا يستهزئون به من العذاب قبل وقوعه ، فلا هو يصرف عنهم ولا هم ينجون منه ، عبر بحاق الماضي للإيذان بتحقيق وقوعه حتى كأنه وقع بالفعل ، وعبر عن الفاعل بما الموصولة بفعل الاستهزاء المستمر للإيذان بعليته وسببه ، وهذا الموضوع قد تقدم في سورة يونس مفصلا في الآيات 39 و 45 و 55 وبينا في تفسيرها حكمة إبهام هذا العذاب بما يحتمل عذاب الدنيا وعذاب الآخرة مع الشواهد من السور .
/خ11