{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ 8 وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ 9 وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ 10 إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ11} .
المفردات:
أمة معدودة: أي: إلى جماعة من الأوقات مقدرة ،وتطلق الأمة على: الجماعة من جنس واحد ،وقد تطلق على الدين والملة .قال تعالى:{إنا وجدنا آباءنا أمة} .( الزخرف: 22 ) وقد تطلق على الزمن كما في قوله تعالى:{وادّكر بعد أمة} ( يوسف: 45 ) ،وهي في الآية التي معنا ،بمعنى الحين والزمانوالمدة .
ليقولن ما يحبسه: أي: ليقولن ؛استهزاء: ما يمنعه ؟
ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم: أي: إنه لو وقع بهم فلن يدفع عنهم .
وحاق بهم: وأحاط بهم ،وضع الماضي موضع المستقبل ؛تحقيقا ومبالغة في التهديد ،يقال: حاق به حيقا وحيوقا ،وأحاق يحيق به .
التفسير:
8{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ...} الآية .
كانت الرسل تبشر الناس برضوان الله تعالى إن أطاعوه ،وتحذرهم من عذاب الاستئصال في الدنيا لكن هذا الإنسان من طبيعته الجحود والكنود !
والمعنى: ولئن أخرنابفضلنا وكرمناعن هؤلاء المشركين العذاب إلى حين من الزمان ،على وفق سنتنا وحكمتنا .{لكل أجل كتاب} .( الرعد: 38 ) ؛{ليقولن} على سبيل التهكم والاستهزاء ،واستعجال العذاب:{ما يحسبه} .أي: ما الذي جعل هذا العذاب الذي حذرنا منه محمد صلى الله عليه وسلم محبوسا عنا ؟وغير نازل بنا ؛فأجابهم الله سبحانه وتعالى بأنه إذا جاء الوقت الذي عينه الله تعالى لنزول ذلك العذاب ؛لم يصرفه عنهم صارف .
{أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} .
أي: ألا إن ذلك العذاب ،يوم ينزل بهم لن يدفعه عنهم دافع ؛بل سيحيط بهم في كل جانب بسبب استهزائهم وإعراضهم عمن حذرهم ،وفي هذا المعنى يقول الله تعالى:{إن عذاب ربك لواقع * ما له من دافع} .( الطور: 7 ،8 ) .
وقد افتتحت جملة:{ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم} بأداة الاستفتاح ألا للاهتمام بمضمون الخبر ،وللإشارة إلى تحقيقه ،وإدخال الروع في قلوبهم .