يخبر تعالى عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية فقال:( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ) أي:في الآفاق وفي نفوسكم ( إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) أي:من قبل أن نخلق الخليقة ونبرأ النسمة .
وقال بعضهم:( من قبل أن نبرأها ) عائد على النفوس . وقيل:عائد على المصيبة . والأحسن عوده على الخليقة والبرية ; لدلالة الكلام عليها ، كما قال ابن جرير:
حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن منصور بن عبد الرحمن قال:كنت جالسا مع الحسن ، فقال رجل:سله عن قوله:( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) فسألته عنها ، فقال:سبحان الله ! ومن يشك في هذا ؟ كل مصيبة بين السماء والأرض ، ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة
وقال قتادة:( ما أصاب من مصيبة في الأرض ) قال:هي السنون . يعني:الجدب ، ( ولا في أنفسكم ) يقول:الأوجاع والأمراض . قال:وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ، ولا خلجان عرق إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر .
وهذه الآية الكريمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق - قبحهم الله - وقال الإمام أحمد:
حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، وابن لهيعة قالا حدثنا أبو هانئ الخولاني:أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول:سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ".
ورواه مسلم في صحيحه ، من حديث عبد الله بن وهب ، وحيوة بن شريح ، ونافع بن يزيد ، وثلاثتهم عن أبي هانئ به . وزاد بن وهب:"وكان عرشه على الماء ". ورواه الترمذي وقال:حسن صحيح
وقوله:( إن ذلك على الله يسير ) أي:أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها ، وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله ، عز وجل ; لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون .