قوله تعالى:{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ في الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ إِلاَّ في كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ،أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار وفي الأنفس ،من الأمراض والموت كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس ،وقبل وجود المصائب ،فقوله:{مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ} ،الضمير فيه عائد على الخليقة المفهومة في ضمن قوله:{وفِى أَنفُسِكُمْ} أو إلى المصيبة ،واختار بعضهم رجوعه لذلك كله .
وقوله تعالى:{إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي سهل هين لإحاطة علمه وكمال قدرته .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه لا يصيب الناس شيء من المصائب إلا وهو مكتوب عند الله قبل ذلك ،أوضحه الله تعالى في غير هذا الموضع ،كقوله تعالى:{قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [ التوبة: 51] وقوله تعالى{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} [ التغابن: 11] وقوله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأموال والأنفس وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [ البقرة: 155] ،لأن قوله:{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} قبل وقوع ذلك دليل على أن هذه المصائب معلومة له جل وعلا قبل وقوعها ،ولذا أخبرهم تعالى بأنها ستقع ،ليكونوا مستعدين لها وقت نزولها بهم ،لأن ذلك يعينهم على الصبر عليها ،ونقص الأموال والثمرات مما أصاب من مصيبة ،ونقص الأنفس في قوله: والأنفس ،مما أصاب من مصيبة في الأنفس ،