قوله تعالى : { وَقَالَ للَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ } . الظنُّ ههنا بمعنى اليقين ؛ لأنه علم يقيناً وقوع ما عبر عليه الرؤيا ، وهو كقوله تعالى : { إني ظننت أني ملاقٍ حسابِيَهْ } [ الحاقة : 20 ] ومعناه : أيقنت . وقوله : { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ } هذه " الهاء " تعود على يوسف على ما رُوي عن ابن عباس ؛ وقال الحسن وابن إسحاق : " على الساقي " . وفيه بيان أن لبثه في السجن بضع سنين إنما كان لأنه سأل الذي نجا منهما أن يذكره عند الملك ، وكان ذلك منه على جهة الغَفْلَة ، فإن كان التأويل على ما قال ابن عباس أن الشيطان أنسى يوسف عليه السلام ذكر ربه يعني ذكر الله تعالى وأن الأوْلى كان في تلك الحال أن يذكر الله ولا يشتغل بمسألة الناجي منهما أن يذكره عند صاحبه ، فصار اشتغاله عن الله تعالى في ذلك الوقت سبباً لبقائه في السجن بضع سنين . وإن كان التأويل أن الشيطان أنسى الساقي ، فلأن يوسف لما سأل الساقي ذلك لم يكن من الله توفيق للساقي وخلاّه ووساوس الشيطان وخواطره حتى أنساه ذكر ربه أمر يوسف . وأما البِضْعُ فقال ابن عباس : " هو من الثلاث إلى العشر " ، وقال مجاهد وقتادة : " إلى التسع " ، وقال وهب : " لبث سبع سنين " .