/ [ 42]{ وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين 42} .
{ وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} أي قال يوسف للذي علم نجاته من الفتيين ،أي خلوصه من السجن والقتل ،وهو الساقي:{ اذكرني عند ربك} أي:اذكر حالي وصفتي ،وعلمي بالرؤيا ،وما جرى علي ،عند الملك سيدك ،عسى يخلصني مما ظلمت به .
و ( الظن ) بمعنى العلم واليقين ،ورد كثيرا ،والتعبير به إرخاء للعنان ،وتأدب مع الله تعالى .وقيل:الظن بمعناه المعروف ،بناء على أن تأويل يوسف بطريق الاجتهاد ،والحكم بقضاء الأمر اجتهادي أيضا ،والأول أنسب بالسياق .
تنبيه:
دلت الآية على جواز الاستعانة بمن هو مظنة كشف الغمة ،ولو مشركا .وقد جاء ذلك في قوله تعالى{[4920]}:{ وتعاونوا على البر والتقوى} .وقوله حكاية عن عيسى{[4921]}:{ من أنصاري إلى الله} .وفي الحديث{[4922]}: "والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ".وجلي أن ذلك من نظام الكون ،والعمران البشري ،ولذلك ميز الإنسان بالنطق .
وأما ما رواه ابن جرير عن ابن عباس مرفوعا: "لو لم يقليعني يوسفالكلمة التي قال ،ما لبث في السجن طول ما لبث ،حيث يبتغي الفرج من عند غير الله تعالى "فقال الحافظ ابن كثير:حديث ضعيف جدا ،وذكر من رجاله الضعفاء راويين سماهما .ثم قال:/ وروى أيضا مرسلا عن الحسن وقتادة .قال:وهذه المرسلات هاهنا لا تقبل ،لو قبل المرسل من حيث هو ،في غير هذا الموطن . والله أعلمانتهى . ولقد أجاد وأفاد عليه الرحمة .
وقوله تعالى:{ فأنساه الشيطان ذكر ربه} يعني:فشغله الشيطان حتى نسي ذكر يوسف عند الملك .{ فلبث} أي مكث يوسف{ في السجن بضع سنين} أي طائفة منها .
ولأهل اللغة أقوال في ( البضع ):ما بين الثلاث إلى التسع ،أو إلى الخمس ،أو ما لم يبلغ العقد ولا نصفه ،يعني ما بين الواحد إلى الأربعة ،وقيل غير ذلك .