وبعد تحقيق الحق ،ودعوتهما إليه ،وبيانه لهما مرتبة علمه ،شرع في تفسير ما استفسراه .ولكونه بحثا مغايرا لما سبق ،فصله عنه بتكرير الخطاب فقال:{ يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} .
{ يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا} أي يخرج من السجن ،ويعود إلى ما كان عليه من سقي سيده الخمر ،{ وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه} أي فيقتل ويعلق على خشبة ،فتأكل الطير من لحم رأسه .
{ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} أي قطع وتم ما تستفتيان فيه .يعني:مآله ،وهو نجاة أحدهما ،وهلاك الآخر .والتعبير عنه ب ( الأمر ) ،وعن طلب تأويله ب ( الاستفتاء ) تهويلا لأمره ،وتفخيما لشأنه ،إذ الاستفتاء إنما يكون في النوازل المشكلة الحكم ،المبهمة الجواب ،وإيثار صيغة الاستقبال ،مع سبق استفتائهما في ذلك ،لما أنهما بصدده ،إلى أن يقضي عليه السلام من الجواب وطره .