قوله تعالى : { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } ؛ هذا تهدد واستهانة بفعل المقول له ذلك وأنه لا يفوته الجزاء عليه والانتقام منه ، وهو مثل قول القائل : اجْهَدْ جُهْدَك فسترى ما ينزل بك . ومعنى استفزز استزلَّ ، يقال : استفزَّه واستزلَّه بمعنى . وقوله : { بِصَوْتِكَ } رُوي عن مجاهد أنه الغناء واللهو وهما محظوران وأنهما من صوت الشيطان . وقال ابن عباس : هو الصوت الذي يدعو به إلى معصية الله ، وكل صوت دُعي به إلى الفساد فهو من صوت الشيطان .
قوله تعالى : { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ } ؛ فإن الإجْلابَ هو السَّوْقُ بجلبة من السائق ، والجلبة الصوت الشديد .
وقوله تعالى : { بخَيلِكَ ورَجْلِكَ } رُوي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة : " كل راجل أو ماشٍ إلى معصية الله من الإنس والجنّ فهو من رَجْلِ الشيطان وخيله " . والرَّجْلُ جمع راجل كالتَّجْرِ جمع تاجر والرَّكْبِ جمع راكب .
قوله تعالى : { وَشَارِكْهُمْ في الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ } ؛ قيل : معناه كن شريكاً في ذلك فإن منه ما يطلبونه بشهوتهم ومنه ما يطلبونه لإغرائك بهم . وقال مجاهد والضحاك : " وشاركهم في الأولاد يعني الزنا " . وقال ابن عباس : " الموءودة " وقال الحسن وقتادة : " من هُوِّدوا ونُصِّروا " . وقال ابن عباس روايةً : " تسميتهم عبدالحارث وعبد شمس " . قال أبو بكر : لما احتمل هذه الوجوه كان محمولاً عليها وكان جميعها مراداً ، إذ كان ذلك مما للشيطان نصيب في الإغراء به والدعاء إليه .