قوله تعالى : { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ الله فإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } فيه إباحة إطلاق اسم الأُخُوَّةِ وحَظْرُ إطلاق اسم الأُبُوَّة من غير جهة النسب ؛ ولذلك قال أصحابنا فيمن قال لعبده هو أخي : لم يُعْتَقْ إذا قال لم أُرِدْ به الأُخُوَّةَ من النسب ؛ لأن ذلك يطلق في الدين ، ولو قال : هو ابني عتق لأن إطلاقه ممنوع إلا من جهة النسب . ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن ادَّعَى إلى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فالجَنَّةُ علَيْهِ حَرَامٌ " .
وقوله تعالى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } ؛ روى ابن أبي نجيح عن مجاهد : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } قال : " قيل هذا النهي في هذا أو في غيره " ، { وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } " والعمد ما آثرته بعد البيان في النهي في هذا أو في غيره " . وحدثنا عبدالله بن محمد بن إسحاق قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } قال قتادة : " لو دعوتَ رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه ليس عليك بأس " ، وسمع عمر بن الخطاب رجلاً وهو يقول : اللّهم اغفر لي خطاياي ، فقال : " أستغفر الله في العمد فأما الخطأ فقد تجوز عنك " ؛ قال : وكان يقول : " ما أخاف عليكم الخطأ ولكني أخاف عليكم العمد ، وما أخاف عليكم المقاتلة ولكني أخاف عليكم التكاثر ، وما أخاف عليكم أن تزدروا أعمالكم ولكني أخاف عليكم أن تستكثروها " .