قوله تعالى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } . حدثنا عبدالله بن محمد بن إسحاق المروزي قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله : { النَّبِيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } قال : أخبرني أبو سلمة عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ فَأَيُّما رَجُلٍ مَاتَ وتَرَكَ دَيْناً فإِليَّ وإِنْ تَرَكَ مالاً فَهُوَ لوَرَثَتِهِ " .
وقيل في معنى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } إنه أحقّ بأن يختار ما دعا إليه من غيره ومما تدعوه إليه أنفسهم . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يحكم في الإنسان بما لا يحكم به في نفسه لوجوب طاعته لأنها مقرونة بطاعة الله تعالى .
قال أبو بكر : الخبر الذي قدمنا لا ينافي ما عقبناه به من المعنى ولا يوجب الاقتصار بمعناه على قضاء الدين المذكور فيه ؛ وذلك لأنه جائز أن يكون مراده أنه أوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم في أن يختاروا ما أدعوهم إليه دون ما تدعوهم أنفسهم إليه وأوْلَى بهم في الحكم عليهم ولزومهم اتّباعه وطاعته ، ثم أخبر بعد ذلك بقضاء ديونهم .
وقوله تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } ؛ قيل فيه وجهان ، أحدهما : أنهن كأمهاتهم في وجوب الإجلال والتعظيم ، والثاني : تحريم نكاحهن . وليس المراد أنهن كالأمهات في كل شيء ؛ لأنه لو كان كذلك لما جاز لأحد من الناس أن يتزوج بناتهن ، لأنهن يكنَّ أخوات للناس ، وقد زوَّج النبي صلى الله عليه وسلم بناته ، ولو كنَّ أمهات في الحقيقة ورثن المؤمنين . وقد رُوي في حرف عبدالله : " وهُوَ أَبٌ لهم " ولو صحّ ذلك كان معناه أنه كالأب لهم في الإشفاق عليهم وتحرِّي مصالحهم ، كما قال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } [ التوبة : 128 ] .
وقوله تعالى : { إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً } . رُوي عن محمد ابن الحنفية أنها نزلت في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني .
وعن الحسن : " أن تصلوا أرحامكم " . وقال عطاء : " هو المؤمن والكافر بينهما قرابة إعطاؤه له أيام حياته ووصيته له " .
وحدثنا عبدالله بن محمد قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : { إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً } قال : " إلا أن يكون لك ذو قرابة ليس على دينك فتوصي له بشيء هو وليّك في النسب وليس وليّك في الدين " .