قوله تعالى : { إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } . رُوي عن مجاهد وقتادة : " الشعوب النسب الأبعد ، والقبائل الأقرب ، فيقال بني فلان وفلان " .
وقوله تعالى : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ } .
بدأ بذكر الخلق من ذَكَرٍ وَأنثى وهما آدم وحواء ، ثم جعلهم شعوباً يعني متشعبين متفرقين في الأنساب كالأمم المتفرقة نحو العرب وفارس والروم والهند ونحوهم ، ثم جعلهم قبائل وهم أخصّ من الشعوب نحو قبائل العرب وبيوتات العجم ، ليتعارفوا بالنسبة ، كما خالف بين خِلَقِهِمْ وصُوَرِهم ليعرف بعضهم بعضاً .
ودل بذلك على أنه لا فضل لبعضهم على بعض من جهة النسب ، إذ كانوا جميعاً من أب وأم واحدة ؛ ولأن الفضل لا يستحق بعمل غيره ، فبيّن الله تعالى ذلك لنا لئلا يفخر بعضنا على بعض بالنسب ، وأكّد ذلك بقوله تعالى : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ } ، فأبان أن الفضيلة والرفعة إنما تُستحق بتقوى الله وطاعته . ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته أنه قال : " إِنَّ الله قَدْ أَذْهَبَ نَخْوَةَ الجَاهِلِيَّةِ وتَعَظُّمَها بالآباءِ ، النَّاسُ مِنْ آدَمَ وآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ ، لا فَضْلَ لَعَرَبِيٍّ عَلى عَجَمِيٍّ إِلاَّ بالتَّقْوَى " .
وقال ابن عباس وعطاء : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم لا أعظمكم بيتاً " .