قوله تعالى : { وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } قال ابن عباس : " هذا قولُ جماعة من اليهود حين حذّرهم النبي صلى الله عليه وسلم نقمات الله ، فقالوا : لا تخوّفْنا فإنّا أبناء الله وأحباؤه " . وقال السدي : " تزعم اليهود أن الله تعالى أوْحَى إلى إسرائيل أنّ وَلَدَكَ بِكْرِي من الولد " . وقال الحسن : " إنما قالوا ذلك على معنى قُرْبِ الولد من الوالد " ، وأما النصارى فقيل إنهم تأوّلوا ما في الإنجيل من قول المسيح عليه السلام : " إني ذاهبٌ إلى أبي وأبيكم " وقيل : إنهم لما قالوا المسيح ابن الله وكان منهم ، جرى ذلك على قول العرب " هُذَيْلٌ شعراء " أي منهم شعراء ، وعلى قولهم في رهط مسيلمة ؛ قالوا : نحن أبناء الله ، أي قال قائل منهم وتابعوه عليه ، فكان معنى قولهم على هذا الوجه " نحن أبناء الله " أي منّا ابن الله .
وقال تعالى : { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبْكُمْ بذُنُوبِكُمْ } فيه إبطال دعواهم ذلك وتكذيبهم بها على لسانهم ، لأنهم كانوا مقرّين بأنهم يعذّبون بالذنوب ، ومعلوم أن الأب المشفق لا يعذب ولده .