قوله تعالى:{ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير} [ المائدة: 18] .
فإن قلتَ: لم كرّرها وختم الأولى بقوله:{والله على كل شيء قدير}({[144]} ) [ البقرة: 284] والثانية بقوله{وإليه المصير} ؟
قلتُ: لأن الأولى نزلت في النصارى ،حين قالوا:{إن الله هو المسيح ابن مريم} [ المائدة: 17] فردّ الله عليهم بقوله:{ولله ملك السماوات والأرض} [ آل عمران: 189] تنبيها على أنه مالك لعيسى وغيره ،وأنه قادر على إهلاكه وإهلاك غيره .
والثانية: في اليهود والنّصارى ،حين قالوا:{نحن أبناء الله وأحبّاؤه} [ المائدة: 18] فردّ الله تعالى بقوله:{ولله ملك السماوات والأرض} تنبيها على أن الجميع مملوكون له ،ومصيرهم إليه ،يعذّب من يشاء ويغفر لمن يشاء ،ولو كان"عيسى "ابنه لم يملكه ولم يعذّبه ،إذ الأب لا يملك ابنه ولا يعذّبه .
قوله تعالى:{وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبّاؤه ...} الآية [ المائدة: 18] .
فإن قلتَ: كيف أخبر الله عنهم أنهم قالوا: نحن أبناء الله ،مع أنه لم يُعرف أنهم قالوه ؟ !
قلتُ: المراد ب"أبناء الله "خاصّته({[145]} ) ،كما يقال: أبناء الدنيا ،وأبناء الآخرة .
وقيل: فيه إضمار تقديره: نحن أبناء أنبياء الله .
قوله تعالى:{قل فلم يعذّبكم بذنوبكم ...} الآية [ المائدة: 18] .
إن قلتَ: كيف يصحّ الاحتجاج عليهم به ،مع أنهم ينكرون تعذيبهم بذنوبهم ،مدّعين أن ما يذنبون بالنّهار يغفر بالليل ،وبالعكس ؟
قلتُ: هم مقرّون بأنهم يعذّبون أربعين يوما ،مدة عبادتهم العجل ،في غيبة"موسى "عليه الصلاة والسلام لميقات ربه ،كما قال تعالى:{وقالوا لن تمسّنا النار إلا أياما معدودة} [ البقرة: 80] .