قال الله تعالى : { يا بَنِى آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجَنَّةِ } . قيل في الفتنة إنها المحنة بالدعاء إلى المعصية من جهة الشهوة أو الشبهة ، والخطاب توجه إلى الإنسان بالنهي عن فتنة الشيطان وإنما معناه التحذير من فتنة الشيطان وإلزام التحرّز منه . وقوله تعالى : { كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجَنَّةِ } فأضاف إخراجهما من الجنة إلى الشيطان فإنه أغواهما حتى فعلا ما استحقّا به الإخراج منها ، كقوله تعالى حاكياً عن فرعون : { يذبح أبناءهم } [ القصص : 4 ] وإنما أمر به ولم يتولّه بنفسه . وعلى هذا المعنى أضاف نزع لباسهما إليه بقوله : { يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا } . وهذا يحتج به فيمن حلف لا يخيط قميصه أو لا يضرب عبده وهو ممن لا يتولى الضرب بنفسه أنه إن أمر به غيره ففعله حنث ، وكذلك إذا حلف لا يبني داره فأمر غيره فبناها . وقيل في اللباس الذي كان عليهما إنه كان ثياباً من ثياب الجنّة ؛ وقال ابن عباس : كان لباسهما الظفر ، وقال وهب بن منبه : كان لباسهما نوراً .