قوله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } ، فيه الدلالة على تفضيل السابق إلى الخير على التالي ؛ لأنه داع إليه يسبقه والتالي تابع له فهو إمام له وله مثل أجره ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بها إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، ومَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ " ، وكذلك السابق إلى الشرّ أسوأ حالاً من التابع له ؛ لأنه في معنى من سَنّهُ . وقال الله تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } [ العنكبوت : 13 ] يعني أثقال من اقْتَدى بهم في الشر ، وقال الله تعالى : { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً } [ المائدة : 32 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ قَتِيلٍ ظُلْماً إِلاّ وعَلَى ابْنِ آدَمَ القَاتِلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهِ لأنّه أوّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ " .
وقد اخْتُلِفَ فيمن نزلت الآية ، فرُوي عن أبي موسى وسعيد بن المسيب وابن سيرين وقتادة : " أنها نزلت في الذين صلّوا إلى القِبْلَتَيْنِ " . وقال الشعبي : " فيمن بايع بيعة الرضوان " . وقال غيرهم : " فيمن أسلم قبل الهجرة " .