قوله تعالى : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بالله وَيُؤْمِنُ للمُؤْمِنِينَ } . قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك : " يقولون هو صاحب أذن يصغي إلى كل أحد " . وقيل : إن أصله من أذَنَ يأْذنُ إذا سمع ، قال الشاعر :
* في سَمَاعٍ يَأْذِنُ الشَّيْخُ له * وحَدِيثٍ مِثْلِ مَاذِيٍّ مُشَار *
ومعناه : أذن صلاح لكم لا أذن شرّ . وقوله : { يُؤْمِنُ للمُؤْمِنِينَ } قال ابن عباس : " يصدق المؤمنين " ، ودخول " اللام " ههنا كدخوله في قوله : { قل عسى أن يكون ردف لكم } [ النمل : 72 ] ومعناه : رَدِفَكُم . وقيل : إنما أدخلت " اللام " للفرق بين إيمان التصديق وإيمان الأمان ، فإذا قيل : " ويؤمن للمؤمنين " لم يعقل به غير التصديق ، وهو كقوله تعالى : { قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم } [ التوبة : 94 ] أي لن نصدقكم ، وكقوله : { وما أنت بمؤمن لنا } [ يوسف : 17 ] . ومن الناس من يحتجّ بذلك في قبول خبر الواحد لإخبار الله تعالى عن نبيه أنه يصدق المؤمنين فيما يخبرونه به ؛ وهذا لعمري يدل على قبوله في أخبار المعاملات فأما أخبار الديانات وأحكم الشرع فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إلى أن يسمعها من أحد إذْ كان الجميع عنه يأخذون وبه يقتدون فيها .