قوله تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاّ بِالّتِيِ هي أَحْسَنُ } ، الآية :[ 34 ] :
قال مجاهد : التي هي أحسن التجارة ، خص اليتيم بذلك ، لأنه إليه أحوج ، وعن الاستقلال أبعد ، وإلى المرحمة والشفقة أقرب .
ذكر الرازي{[1509]} أن الله تعالى لما قال حتى يبلغ أشده ، علم أن إيناس الرشد عند بلوغ الأشد لا يعتبر ، ولو اعتبر لذكر كما قال : { حَتّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإنْ آنَسْتُم مِنْهُم رُشْداً فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُم{[1510]} } .
والأشد مذكور على وجوه مختلفة في القرآن ، قال تعالى في موضع آخر :
{ حَتّى إذَا بَلَغَ أشدَّهُ وبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَة{[1511]} } ، وقال في موضع آخر : { ولَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واسْتَوَى{[1512]} } الآية ، وذكروا أنه بلوغ الحلم ، وذكروا أنه بلوغ أربعين سنة . . فليس للأشد مرد معلوم .
ويجوز أن يكون المراد ببلوغ الأشد قبل الأربعين سنة ، وتختلف أحوال الناس فيه ، والذي ذكره من أن إيناس الرشد ليس معتبراً مع الأشد فبعيد ، فإن الله تعالى قال : { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ{[1513]} } ، فاقتضى ذلك جواز التصرف إلى بلوغ الأشد مطلقاً ، ولا يتحقق ذلك إلا عند جعل الأشد بمعنى البلوغ . والولي لا يتصرف في مال اليتيم بعد البلوغ ، ولا أنه يسمى يتيماً إلى أربعين سنة .