قوله تعالى : { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِّيِهِ سُلْطَاناً } الآية :[ 33 ] :
السلطان مجمل يحتمل : الحجة والدية والقود ، ويحتمل الجمع لا جرم ، الشافعي يخير بين القتل وغيره ، لأن الكل بالإضافة إلى اللفظ سواء .
قوله تعالى : { فَلاَ يُسْرِف في القَتْلِ } : قال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك : لا يقتل غير قاتله ، ولا يمثل به{[1504]} ، وذلك أن العرب كانت تتعدى إلى غير القليل من الحميم والغريب ، فلما جعل الله تعالى له سلطاناً نهاه عن التعدي ، وعلى هذا المعنى قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ في القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بِالعَبْدِ{[1505]} } .
فإن كان لبعض القبائل طول على الأخرى ، فكان إذا قتل منهم العبد لا يرضون إلا بأن يقتل الحر منهم ، وهذا في هذه الآية : { فَلاَ يُسْرِف في القَتْلِ } بأن يتعدى إلى غير القاتل .
ذكر إسماعيل بن اسحق المالكي ، في قوله : لوليه ، ما يدل على خروج المرأة عن مطلق الولي ، فلا جرم ، ليس للنساء حق القصاص ، كذلك قال ، ولا أثر لعفوها وليس لها الاستبقاء .
ولم يعلم أن المراد بالولي هاهنا الوارث ، وقد قال تعالى : { والمُؤْمِنُون والمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهم أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }{[1506]} وقال :{ والّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِنْ وَلاَيَتِهِم مِنْ شيءٍ{[1507]} } الآية ، وقال تعالى : { وأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُم أَوْلَى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ{[1508]} } فاقتضى ذلك إثبات القود لسائر الورثة .
احتج إسماعيل في ذلك بوجوه ركيكة منها : أن الولي في ظاهره على التذكير وهو واحد ، ولم يعلم أن ما كان بمعنى الجنس استوى فيه المذكر والمؤنث . ومما ذكره أن المرأة لا تستحق كل القصاص ، لا بعض له ، فلزمه من ذلك إخراج الزوج من جملة الأولياء في القصاص ، وعلى أنه لم يمتنع أن تكون المرأة بنفسها لا تستحق ، ولكنها مع غيرها كالورثة ، واعتذر عن ذلك بأن سبب الورثة واحد ، وقد اختلف السبب هاهنا ، فلزمه ألا يثبت القصاص بين الزوج والأخ ولا الأخ من الأم . وذكر فيما ذكر أن المقصود من القصاص تقليل القتل ، والمقصود بكثرة القتل الرجال دون النساء .
ولزم على هذا ألا يجب القصاص على المرأة بقتل الرجل ، ولا على الرجل بقتل المرأة .