فرض الصيام في قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ{[159]} كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذيِنَ مِنْ قَبْلِكُمْ } [ 183 ] ، وقوله : { كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } يحتمل ثلاثة معان كلها منقولة عن أهل التفسير :
قال الحسن والشعبي وقتادة : كتب على الذين من قبلنا وهم النصارى شهر رمضان أو مقداره من عدد الأيام ، وإنما حولوه وزادوا فيه . وقال ابن عباس : كان الصوم من العتمة ، ولا يحل بعد النوم أن يأكل ويشرب وينكح ، ثم نسخ فكان ذلك صوماً بالليل ، لا تشبهاً بالصائمين ولا عقوبة على أكل حرام ، بل كان عبادة . . . وقال آخرون : معناه أنه كتب علينا صيام أيام ، ولا دلالة فيه على مساواته في المقدار ، بل جائز فيه الزيادة والنقصان . . وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : أحيل الصيام ثلاثة أحوال ، قدم أولاً رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يصوم كل شهر ثلاثة أيام وصيام عاشوراء ، ثم إن الله تعالى فرض الصيام فقال : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ } ، وذكر نحو قول ابن عباس الذي ذكرناه وقدمناه . وليس في قوله : { كَمَا كُتِبَ عَلىَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } دلالة على المراد في العدد في الأيام أو صفة الصوم أو في الوقت فكان اللفظ مجملاً . .