وقوله : { قَتَلْتُمْ نَفسْاً }{[27]} [ 72 ] مقدم في المعنى على جميع ما ابتدأ به من شأن البقرة{[28]} ، ويجوز أن يكون في النزول مقدماً وفي التلاوة مؤخراً .
ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب ترتيب تلاوتها ، فكأن الله تعالى أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها ، ثم وقع ما وقع من أمر القتيل ، فأمروا أن يضربوه ببعضها{[29]} . ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب ترتيب تلاوتها وإن كان مقدماً في المعنى ، لأن الواو لا توجب الترتيب ، كقول القائل : اذكر إذ أعطيت زيداً ألف درهم إذ بنى داري ، والبناء متقدم العطية ، ونظيره في قصة نوح بعد ذكر الطوفان وانقضائه في قوله : { قُلْنَا احْملْ فيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ - إلى قوله - إلاَّ قَلِيلٌ{[30]} } ، فذكر إهلاك من أهلك منهم ، ثم عطف عليه بقوله : { وقَالَ ارْكَبوُا فيِهَا بِسْمِ الله مَجْرَاها وَمُرْسَاهَا{[31]} } ، فالمعنى يجب مراعاة ترتيبه لا اللفظ ، ويستدل به على جواز تأخير بيان المجمل .
وقد قيل : إنه كان عموماً وكان ما ورد بعده نسخاً ، فقيل له : فهو نسخ قبل مجيء وقته ، فأجابوا : بأنه قد جاء وقته وقصروا في الأداء .
وقد قيل : فهلا أنكر عليهم في أول المراجعة ؟ فأجابوا : بأن التغليظ ضرب من الكبر .