قوله تعالى : { ما مَنَعَكَ أَنْ لاَ تَسجُدَ إذْ أَمَرْتُكَ } الآية [ 12 ] : يدل ظاهره على اقتضاء الأمر الوجوب بمطلقه من غير قرينة ، لأن الذم على ترك الأمر المطلق لاحق ، وهو مذهب الفقهاء وقوله : { أَنْ لاَ تَسجُدَ } ، لا صلة مؤكدة ، ومعناه ما دعاك إلى أن لا تسجد وما أحوجك ؟
وقيل : في السجود لآدم وجهان :أحدهما : التكرمة ، ولذلك امتن عليه به ،
والثاني : أنه جعله قبلة لهم ، والأول أصح .
قوله تعالى : { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي{[1308]} } : ظاهره مذهب أهل السنة ، وهو أن الله تعالى أضله وخلق فيه الكفر ، ووراء ذلك معاني ثلاثة : أحدها : خيبتني ، مثل قول الشاعر :
* ومن يغو لا يعدم عَلى الغي لائما *
أي من يخب ، قال ابن الأعرابي : يقال غوى الرجل يغوي غياً ، إذا فسد عليه أمره ، أو فسد هو في نفسه ، وهو أحَد معاني قوله تعالى : { وَعَصَى آدَمُ رَبَهُ فَغَوىَ{[1309]} } : أي فسد عيشه في الجنة ، ويقال : غوى الفصيل إذا لم يرو من لبن أمه{[1310]} . ومعنى آخر : أغويتني أي حكمت بغوايتي ، كقولك أضللتني أي حكمت بضلالتي ، وقال : أغويتني أي أهلكتني .