ومن المجاز المستحسن قوله تعالى : { إن اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُم } ، الآية :[ 111 ] :
فجعل بذل أنفسهم في الجهاد وإنفاقهم في ذلك طلباً للثواب بيعاً ، وجعل ما طلبوه ثمناً .
ولما كان تعالى هو المرغب في ذلك والداعي إليه ، وصف نفسه بأنه اشترى أنفسهم ، كما وصفوا بأنهم باعوا وابتاعوا ، وفي ذلك دلالة على عظم محل الجهاد ومنزلته .
ودل أن هذا التعبد كما ورد به القرآن ، فكذلك التوراة والإنجيل . ودل به على أن الله تعالى لا يخلف الوعد ، ولذلك قال : { وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ } ؟ ويدخل في الوعد الوعيد . ثم أبان تعالى ما يتعلق به تمام البشارة في معاهدة الله عز وجل فقال : { التّائِبُونَ العَابِدُونَ } ، فبين الله تعالى أنه لا بد في المؤمن المجاهد أن يكون على هذه الصفات ، وعند ذلك يكون مبشراً على ما قال في آخره : { وَبَشِّرِ المُؤمِنِينَ } .