قوله تعالى : { انفِرُوا خِفَافَاً وثِقَالاً } ، الآية :[ 41 ] ، وقوله تعالى : { مَا لَكُم إذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا في سَبِيلِ اللهِ إثّاقَلتُم إلَى الأَرْضِ } ، الآية :[ 38 ] :
اختلفوا في عمومه ، فمنهم من قال : إنه أراد به كل المؤمنين ، وعند أبي علي الجبائي الآية مخصوصة .
واختلف العلماء في وجوب هذا التغير : فمنهم من قال : المراد به وجوب النفور إلى الرسول إذا دعا إلى الجهاد وأمر به ، وهو الأصح . ومنهم من قال : إن المراد به عند الحاجة وظهور الكفرة واشتداد شوكتهم .
وظاهر الآية يدل على أن ذلك على وجه الاستدعاء ، فعلى هذا لا يتجه الحمل على وقت ظهور المشركين ، فإن وجوب ذلك لا يختص بالاستدعاء ، وإذا ثبت ذلك فالاستدعاء والاستبقاء يبعد أن يكون موجباً شيئاً لم يجب من قبل ، إلا أن الإمام إذا عين قوماً وندبهم إلى الجهاد ، لم يكن لهم أن يتثاقلوا عنه ، وله ولاية التعيين ، ويصير بعينه فرضاً على من عينه لا لمكان الجهاد ، ولكن طاعة الإمام واجبة ، وإذا لم يكن كذلك وكان من أهل الثغور كفاية ، فالذي قاله أصحابنا أنه يجب على الإمام أن يفرق في الجهات الأربعة قوماً في كل سنة ، يظهر لهم النكاية في العدو ، ويمنعهم ذلك من انتهاز فرصة الاحتشاد والاستعداد ، وإذا حصلت الكفاية لقوم ، سقط عن الباقين ، فليس الجهاد على هذا الرأي فرضاً على كل واحد ، وإنما هو فرض كفاية ، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين .