الْآيَةُ الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } .
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْمَضَاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ ، وَهِيَ مَوَاضِعُ النَّوْمِ . وَيُحْتَمَلُ وَقْتُ الِاضْطِجَاعِ ، وَلَكِنَّهُ مَجَازٌ . وَالْحَقِيقَةُ أَوْلَى ، وَذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ السَّهَرِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إلَى أَيِّ طَاعَةِ اللَّهِ تَتَجَافَى ؟
وَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : ذِكْرُ اللَّهِ . وَالْآخَرُ الصَّلَاةُ .
وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا عَامٌّ ، وَالْآخَرَ خَاصٌّ .
فَإِنْ قُلْنَا : إنَّ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ، فَأَيُّ صَلَاةٍ هِيَ ؟
فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْأَوَّلُ : أَنَّهَا النَّفَلُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ؛ قَالَ قَتَادَةُ .
الثَّانِي : أَنَّهَا الْعَتَمَةُ ؛ قَالَهُ أَنَسٌ وَعَطَاءٌ .
الثَّالِثُ : أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ ؛ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ .
الرَّابِعُ : أَنَّهُ قِيَامُ اللَّيْلِ ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَمَالِكٌ .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : هُوَ قِيَامُ اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ ، وَذَلِكَ أَثْقَلُهُ عَلَى النَّاسِ ، وَمَتَى كَانَ النَّوْمُ حِينَئِذٍ أَحَبَّ فَالصَّلَاةُ حِينَئِذٍ أَحَبُّ وَأَوْلَى .
وَالْقَوْلُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مَضَى ، وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ الزُّمَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .