الْآيَةُ السَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } . فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ الْفَرْضِيَّةِ الْجَهْرُ ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَعْمَالِ النَّفْلِيَّةِ السِّرُّ ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَتَطَرَّقُ إلَى النَّفْلِ من الرِّيَاءِ وَالتَّظَاهُرِ بِهَا فِي الدُّنْيَا ، وَالتَّفَاخُرِ عَلَى الْأَصْحَابِ بِالْأَعْمَالِ ، وَجُبِلَتْ قُلُوبُ الْخَلْقِ بِالْمَيْلِ إلَى أَهْلِ الطَّاعَةِ ، وَقَدْ جَعَلَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ فِي الْعِبَادَاتِ ذِكْرًا جَهْرًا وَذِكْرًا سِرًّا ، بِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ أَنْشَأَهَا بِهَا وَرَتَّبَهَا عَلَيْهَا ؛ وَذَلِكَ لِمَا عَلَيْهِ قُلُوبُ الْخَلْقِ من الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَمَّا الذِّكْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَانْقَسَمَ حَالُهُ إلَى سِرٍّ وَجَهْرٍ ، وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَلَمْ يُشْرَعْ مِنْهُ شَيْءٌ جَهْرًا ؛ لَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَلَا فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ ، وَلَا فِي حَالَةِ السُّجُودِ ؛ لَكِنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِ قَارِئِ الْفَاتِحَةِ : ( آمِينْ ) هَلْ يُسِرُّ بِهَا أَمْ يَجْهَرُ ؟ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ .