الْآيَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْك قَوْلًا ثَقِيلًا }
فِيهَا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا ثِقَلُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَانَ يُلْقِيهِ الْمَلَكُ إلَيْهِ ، وَقَدْ «سُئِلَ كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ : أَحْيَانًا يَأْتِينِي الْمَلَكُ مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، فَيُفْصِمُ عَنِّي ، وَقَدْ وَعَيْت مَا قَالَ » . وَقَدْ كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَتَفَصَّدُ جَبِينُهُ عَرَقًا .
الثَّانِي : ثِقَلُ الْعَمَلِ بِهِ ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُهُمَا .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَجَاءَ «عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ » .
وَقَدْ قِيلَ : أَرَادَ ثِقَلَهُ فِي الْمِيزَانِ .
وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ ، فَتُلْقِي بِجِرَانِهَا عَلَى الْأَرْضِ ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُسَرِّيَ عَنْهُ » وَهَذَا يُعَضِّدُ ثِقَلَ الْحَقِيقَةِ .