40-41 وقوله : { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } إلى قوله { ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا } |البقرة : 40 ، 41| .
النعمة هنا ، من المفسرين من عينها بنعمة مخصوصة ، والصواب حملها على العموم ، وفي هذه الآية دليل على أن لله على الكفار نعمة خلافا لمن قال لا نعمة لله تعالى عليهم ، وإنما النعمة على المؤمنين ، ولأجل هذا حكى مكي{[110]} أن الخطاب في قوله : { يا بني إسرائيل } إنما هو للمؤمنين منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباس وجمهور العلماء : بل الخطاب لجميع بني إسرائيل في مدة النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنهم وكافرهم . والضمير في { عليكم } يراد به على آبائكم{[111]} . وفي هذه الآية ما يدل على وجوب شكر نعمة الله ، لأن أمره تعالى بذكر النعمة أمر بالشكر ، وقد قال تعالى : { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون 152 } |البقرة : 156| ولا خلاف في وجوب ذلك . وإنما اختلف هل يجب عقلا أم شرعا ؟ والصواب أنها إنما تجب شرعا بما دلت عليه هذه الآية ونحوها .
40- وقوله تعالى : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } |البقرة : 40| .
اختلف في تعيين هذا العهد ، والصواب أن يقال قوله تعالى : { وأوفوا بعهدي } عام في جميع أوامره ونواهيه . وقوله : { أوف بعهدكم } هو أن يدخلهم الجنة . وهذه عدة من الله تعالى بالثواب ، أوجبها تعالى لعبده تفضلا منه ، لأن عمل العبد بالطاعة يوجب له الثواب خلافا لمن اعتقد ذلك من المعتزلة .
40- وقوله تعالى : { وإياي فارهبون } |البقرة : 40| .
أمر تعالى عبيده أن يكونوا أبدا على خوف من عقابه فيعملوا ولا يتكلوا . وقد اختلف أهل المقامات ما الذي ينبغي أن يعتمد عليه الولي ويغلبه في نفسه الخوف أو الرجاء ؟ وسيأتي لهذا موضع يذكر فيه إن شاء الله تعالى .