41- وقوله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } |البقرة : 41| .
دليل خطاب هؤلاء لأنه لم يقل به أحد ، وفي ذلك دليل على ضعف القول به خلافا لمن رآه في هذا الموضع دليلا معتمدا عليه{[112]} ، ويمكن أن يكون لتخصيص النهي ، بأن يكونوا أول كافر به فائدة ، لأن النهي عن ذلك يدل{[113]} وإن كان الكفر كله قبيحا على أن أول السابق فيه أشد قبحا وأعظم للإثم لقوله تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } |العنكبوت : 13| وقوله : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } |النحل : 25| وقوله { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } |المائدة : 32| .
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن على بني آدم القاتل من الإثم في كل قتيل ظلما كفلا من الإثم ، لأنه أول من سن القتل " {[114]} وقال : " من سن سنة حسنة . . . " الحديث{[115]} .
فان قيل : فكيف نهاهم تعالى أن يكونوا أول كافر به ، وقد كفر قبلهم كفار قريش ؟ فالجواب عن ذلك أن معناه من أهل الكتاب .
41- وقوله تعالى : { ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا } |البقرة : 41| .
اختلف في تأويله فقيل : إن الأحبار كانوا يعلمون دينهم بالأجرة فنهوا عن ذلك . وقال بعضهم : كان للأحبار مأكلة يأكلونها على العلم كالرواتب . وقيل : إن الأحبار أخذوا رشى على تغيير صفة{[116]} محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة{[117]} .
وقيل : المعنى ولا تشتروا بأوامري ونواهي وآياتي الدنيا والعيش الذي هو نزر . وقد اختلف في جواز بيع المصحف{[118]} ، والجمهور على جوازه . ويحتمل أن يتعلق بالآية من يحرم بيعه لعمومها ، ولا حجة له فيها لما فيها من الاحتمالات المتقدمة{[119]} ، ولما مر عليه السلف من بيعه ، وهم أعلم بالتأويل . وكذلك اختلف في تعليم القرآن بالأجرة ، فأجيز ، وكره ، ومنع والجمهور على جوازه . ويحتمل أن يتعلق بظاهر الآية من لا يجيزه بالأجرة . ولا حجة له فيه ، لما جاء من العمل في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الرقية بالحمد لله ، وهو حديث صحيح{[120]} . وأما تعليم كتب الشريعة بالأجرة فمكروه مشهور ذلك عن مالك ، وقد أجازه قوم .
والقول فيه على ما تقدم إن شاء الله{[121]} .