– الخامس قوله تعالى : { قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } :
اختلف في معناها ، فقيل هي مكية نزلت في صدر الإسلام ومعناها استكفاف شر الكفار ودفع أذاهم ، أي ما أسألكم على القرآن والدين والدعاء إلى الله تعالى إلا أن تؤذوني بقرابة هي بيني وبينكم ، فكفوا عن أذاكم . قال ابن عباس وغيره {[10458]} : ولم يكن في قريش بطن إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم نسب أو صهر والآية عندي على هذا القول منسوخة بآية القتال لأن فيها مهادنة . وقال ابن عباس أيضا في الآية ما يقتضي أنها مدنية وذلك أنه قال سببها أن قوما من شباب الأنصار فاخروا المهاجرين ومالوا بالقول على قريش فنزلت الآية على ذلك على معنى ألا تؤذوني فتراعوني في قرابتي وتحفظوني فيهم . وقال هذا أيضا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وغيره . وقال ابن عباس أيضا فيما روي عنه سبب الآية أن الأنصار جمعت مالا وساقته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرده عليهم ونزلت الآية في ذلك . وقال ابن عباس أيضا معنى الآية في قربى الطاعة والتزلف إلى الله تعالى كأنه قال إلا أن تؤذوني لأني أدعوكم إليه وأريد هدايتكم وأدعوكم إليها . وقال الحسن بن أبي الحسن معناه : إلا أن تتوددوا إلى الله تعالى بالتقرب إليه . وقال عبد الله بن القاسم{[10459]} معنى الآية إلا أن يتودد بعضكم إلى بعض وتصلوا أقرباءكم . فالآية على هذا في صلة الرحم . فعلى ما تقدم يأتي في الآية هل هي مكية أو مدنية قولان ، وإذا قلنا مدنية يأتي في سبب نزولها قولان . وعلى قول عبد الله بن القاسم وقول الحسن في معنى الآية لا يختلف عندي في أنها محكمة ، وأما على سائر الأقوال فمختلف فيها هل هي منسوخة بآية سبأ أم لا ؟ فذكر بعضهم عن ابن عباس أيضا وجماعة معه أنها منسوخة لقوله تعالى في سورة سبأ : { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم } [ سبأ : 47 ] . وذهب قوم إلى أنها محكمة {[10460]} .