– قوله تعالى : { ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم } :
في هذه الآية – والتي قبلها – بيان أدلة العقل وأدلة السمع . فقال أولا : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات } فهذا احتجاج بالمعقول . ثم قال : { ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم } فاحتج عليهم بطريق السمع ، وهما قسمان : أدلة العقل والنقل .
وقوله : { أو أثارة من علم } :
اختلف في معنى : { أو أثارة } فقيل بقية من علم ، وقيل هو الإسناد ، وقيل خاصة من علم ، وقيل شيء تؤثرونه من غيركم وأنشدوا في صفة ناقة :
وذات أثارة أكلت عليه *** نباتا في أكمته ففارا {[10479]}
وأراد بالأثارة من البيت بقية من شحم . وقال ابن عباس : المراد بالأثارة الخط في التراب وذلك شيء كانت العرب تفعله وتتكهن به . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال : " كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه فذلك " {[10480]} . وروي فمن وافق علمه . فاحتج كثير من العلماء بالآية على قول ابن عباس وبالحديث المذكور وأجازوا الخط في التراب ورأوا أنه شيء له وجه إذا وفق أحد إليه . وأنكرته طائفة وقالوا إن معنى ما في الحديث في الإنكار – أي أنه كان من فعل نبي – قد ذهب وذهب الوحي إليه والإلهام في ذلك فمن ثم قال : فمن وافق خطه فذلك على جهة الإبعاد أي أن ذلك لا يمكن ممن ليس بنبي ميسر لذلك ، وهو كما لو سئل إنسان فقيل له : أيطير الإنسان ؟ فيقول : إنما يطير إذا كان له جناحان أي أن ذلك لا يكون {[10481]} .